رأينا في الحلقة السابقة يا احبائي كيف أن الرب يسوع إلتقى المرأة نازفة الدم وهو على الطريق ذاهبًا إلى بيت يايرس ليشفي إبنته قبل أن تموت من المرض.
ودعوني اوضح بعض الأمور التي يلفت انتباهنا لها البشير مرقس: فالمرأة التي تنزف ظلت تنزف منذ 12 عامًا. أما إبنة يايرس، فعمرها وهى تحتضر هو 12 عامًا ايضًا. بكلمات أخرى، فإنه في الوقت الذي بدأت فيه المرأة تنزف دمًا (أي تفقد الحياة)، جائت إبنة يايرس للوجود (أي بدأت الحياة). للأسف، كلاهما الآن اصبح في حال مزرية، ولكن الأعمق من ذلك، هو أن الرقم 12 دلالة واضحة لأسباط اسرائيل الـ 12. بكلمات أخرى، المرأة، وإبنة يايرس، يحملون في داخلهم اشارة واضحة وعميقة للموت الذي كان يستشري في شعب اسرائيل. لهذا كانوا يحتاجون لمخلص يقيمهم من موتهم.
لهذا علينا أن نفهم النصوص الكتابية دائمًا على مستويين: المستوى المباشر، وفي هذه الحالة شفاء المرأة نازفة الدم وإقامة إبنة يايرس، ثم على المستوى الأبعد، غير المباشر، شفاء اسرائيل من خطاياه وإقامته من موت الخطية. وعودةً للأحداث، وبينما شفى الرب يسوع المرأة نازفة الدم، جاء ليايرس الرسل الذين يعلنون أن إبنته قد ماتت. وأتخيل معكم احبائي كيف كان يبدو حال الأب الذي سمع خبر موت إبنته للتو. هل إنهار فورًا؟ هل إظلم العالم كله في عينيه؟ ولكن ادعوكم ايضًا للتأمل في حال هذا الرجل وهو واقف بجانب رئيس الحياة ذاتها. فبينما آمنت المرأة نازفة الدم أن الرب يسوع هو مصدر الحياة، وقوة الحياة الخارجة من جسده أقوى من قوة الموت الكامنة في جسدها والتي تخرج في صورة نزيف الدم، لا يبدو أن القائد الديني الكبير، رئيس المجمع، قد فهم واستوعب هوية الرب يسوع حقًا.
وبينما قال الرب يسوع للمرأة المهمشة المعزولة اجتماعيًا: «ايمانك قد شفاك!» يقول الرب يسوع للقائد الكبير ورئيس المجمع: «آمن فقط فهى تُشفى». بكلمات أخرى، كأن الرب يسوع ينظر للمرأة نازفة الدم ويطلب من يايرس أن يكون لديه ايمان مماثل لإيمان المرأة، أن يثق أن الرب يسوع هو مصدر الحياة ورئيسها، وبالتالي لا يقف امامه الموت.
وبالفعل، يقف الرب يسوع امام الصبية المائتة ليعلن أنها مجرد نائمة، لا ميتة. ببساطة، الموت قوي امامنا نحن البشر فقط، ولكنه ضعيف امام الرب يسوع. وكما خرجت قوة حياة من جسد الرب يسوع فشفت المرأة نازفة الدم من نزيفها المميت، هكذا خرجت كلمات حياة من فم الرب يسوع فأقامت الصبية من موتها.
احبائي، هل يداهمنا أي شكل من أشكال الموت؟ أو هل نعيش في حالة موت روحي؟ هل نعيش في ظروف تبدو لنا أنها الموت نفسه؟ ادعوكم أن يكون لدينا ايمان وثقة، أن نعرف يقين المعرفة من هو الرب يسوع: انه رئيس الحياة، مصدر الحياة، ومعطي الحياة للجميع. لهذا ادعوكم اليوم أن تضعوا ثقتكم فيه، ومهما كان الحال، فهو لديه القدرة على إقامة حتى الميت. فهل نسلم له ونثق فيه اليوم فيهبنا قوة الحياة التي تنتصر على كل موت فينا؟